Monday, October 14, 2019

قصة شاب جائع أسس شركة طعام قيمتها 100 مليون جنيه استرليني

عندما كان تيمو بولدت يعمل خبيرا ماليا، عمره 26 عاما، لم يكن لديه الوقت الكافي للذهاب إلى متاجر السوبرماركت.
فقد كان يعمل ساعات طويلة في لندن عام 2012، ويبحث عن طريقة مريحة وسهلة تساعده في طهي الطعام وتناول وجبات مناسبة في منزله.
ويقول "حتى لو توفر الوقت للطهي، كنت سأخفق في إعداد بعض الأطعمة، إذ أحيانا لا توجد وصفات مناسبة على الإنترنت لإعداد الطعام، لذا فكرت، كيف يمكنني حل مشكلتي الخاصة، بجعلها أكثر يسرا؟".
ويضيف تيمو أنه أدرك، أثناء البحث عن حل لهذه المشكلة، أن كل ما يحتاج إليه هو وغيره من "فقراء الوقت" هو شركة ترسل إليهم في صناديق المكونات اللازمة لإعداد وجبات عادية. ويجب أن يتضمن كل صندوق المقادير المحددة لإعداد الوجبة، ووصفة يسهل اتباع خطواتها.
في ذلك الوقت، قبل سبع سنوات، كان هناك عدد قليل من الشركات التي بدأت بالفعل العمل في هذا المجال، مثل شركة "هالو فريش" في ألمانيا.
وتنبأ تيمو بنمو السوق، فاتخذ قرار ترك وظيفته المالية، والمراهنة على تأسيس شركته الخاصة في مجال تجهيزات الوجبات الغذائية. وأطلق على الشركة اسم "غوستو".
حققت الشركة نجاحا سريعا، ويقول تيمو إن مبيعات الشركة السنوية تتجاوز حاليا 100 مليون جنيه استرليني، وهي تضمن بذلك نفس مستوى الاستثمار.
وأصبحت شركة "غوستو"، إلى جانب منافسين آخرين مثل "سيمبلي كوك" و"مايندفول شيف"، جزءا من قطاع يقدر البعض قيمته بنحو مليار جنيه سترليني سنويا في بريطانيا وحدها. ومن المتوقع أن يبلغ حجم القطاع على المستوى العالمي 9 مليارات دولار (7.2 مليار جنيه إسترليني) بحلول عام 2025.
وتعمل شركة "غوستو" حاليا على توسيع نطاق القوة العاملة بها من 500 إلى 1200 شخص، وجميعهم يعملون في بريطانيا، الأمر الذي يختلف كل الاختلاف عند المقارنة ببدايتها المتواضعة.
ولد تيمو ونشأ في برلين، ثم انتقل إلى لندن في أوائل العشرينيات من عمره، وعندما استقال لإطلاق مشروعه "غوستو"، استخدم مدخراته الخاصة التي بلغت 75 ألف جنيه استرليني، واستطاع وقتها جمع 130 ألف جنيه استرليني من الأسرة والأصدقاء.
ويروي تيمو، البالغ من العمر 34 عاما، ما حدث، قائلا "عندما بدأت مشروعي، كنت أديره من غرفة المعيشة دون أي تمويل. تبدلت أحوالي من راتب مرتفع إلى بدون دخل. كنت اختبر وصفات طوال اليوم، وتمكنت من الاستعانة بأصدقائي وعائلتي لتجربة الصناديق".
كان تيمو غير قادر على دفع أجر لنفسه خلال السنوات الثلاث الأولى، ويقول إنه تمكن من الاستمرار بالاعتماد على "مستويات جنونية من التفاؤل".
ويضيف أنه، مثل العديد من المؤسسين، كان يقوم بجميع المهام خلال الأيام الأولى من العمل، حتى لو كان ذلك يؤثر على حياته العائلية.
ويقول "أعطيت الزبائن رقم هاتفي الشخصي، وهو ما كانت زوجتي تكرهه. كان الناس يتصلون بي في منتصف الليل ويسألون عن مكان استلام الطلبات. جعلني ذلك أشعر بالنجاح".
في البداية كانت الصناديق تباع من كشك في سوق بشرق لندن. وببطء استطاعت الشركة إيجاد موقع لنفسها على الإنترنت من خلال الأحاديث الشخصية مع الناس وحملة إعلانية.
كما شارك تيمو في عام 2013 في إحدى حلقات برنامج معني بشؤون ريادة الأعمال تنتجه بي بي سي. وفشل تيمو في تأمين أي استثمار من رجال أعمال مشاركين في البرنامج، وذلك بعد أن كشف أن شركته كانت تخسر 25 ألف جنيه استرليني في الشهر في ذلك الوقت.
واليوم أصبح للشركة مكتبا رئيسيا في حي هامرسميث، غربي لندن، ومصنعها الخاص في لينكولنشير، والذي ينتج في الشهر ما يعادل 250 ألف صندوق من مكونات مبردة ومحكمة التغليف لإعداد الوجبات الغذائية. ويقال إن متوسط عملاء الشركة العاديين أشخاص يبلغون من العمر 40 عاما ولديهم أطفال.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال العمل يحقق خسارة، لكن تيمو يقول إن هذا أمر مدروس لأنه يركز على النمو بدلا من الأرباح.
ويضيف "يمكن أن نحقق أرباحا لكن، بدلا من ذلك، نستثمر بكثافة".
ويقول نيك كارول، المدير المساعد لمبيعات التجزئة في مجموعة "مينتل" للأبحاث، إن إرسال مكونات الوجبات الغذائية يجذب الأثرياء وأصحاب الأسر الصغيرة.
ويضيف "يشير هذا إلى مدى الراحة التي يوفرها المشروع، والجهد الذي قامت به شركات مثل غوستو لجذب الآباء الشبان والأثرياء الذين يعانون من ضغوط الوقت في إنشاء خدمة تسمح بإعداد وجبات غذائية سريعة وبطريقة مريحة".
ويقول إنه على الرغم من ذلك توجد تحديات تواجه "غوستو" والشركات المنافسة، مثل الأغلفة الإضافية التي تتطلبها طبيعة الصناديق الحاوية للأطعمة، والتي تُنفّر العملاء.
ويضيف تيمو إن غوستو تعمل على تقليل كمية البلاستيك والأغلفة.
ويقول "نستعين حاليا بالتكنولوجيا لتقليل البلاستيك بواقع 50 في المئة هذا العام من نقطة أساس خضعت لتخفيض بالفعل".
كما يشير إلى أن الشركة تدرس بدائل جديدة للبلاستيك.
وتقول الشركة كذلك إنها تعمل على الحد من هدر الطعام في سلسلة التوريد الخاصة بها، وذلك عن طريق استخدام خوارزميات الكمبيوتر للتنبؤ بالطلب على أكثر من 40 وصفة أسبوعية لإعداد وجبات مختلفة.
وتوجد مشكلة أخرى يتعين على "غوستو" أن تواجهها وهي سعر صناديقها الخاصة، والتي خفضتها بنسبة تتراوح بين 10-15 في المئة قبل عامين، إذ تظل غالية على الرغم من التخفيض، لاسيما وأن تكلفة صندوق يحتوي على وصفتين لوجبتين تكفي كل منها شخصين هي 24.99 جنيه استرليني، بواقع 6.25 جنيه استرليني للوجبة الواحدة.
ويقول تيمو إنه استطاع خفض أسعاره في عام 2017، مضيفا "نريد أن تتوافر لدى الجميع القدرة على تحمل التكلفة".
ويقول تيمو، عن مستقبل مشروعه، إنه لا توجد حاليا أي خطط لتوسع "غوستو" خارج بريطانيا، وعلى الرغم من ذلك فهو قلق بشأن التأثير المحتمل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وما إذا كانت هذه الخطوة ستمنع الموهوبين الأجانب من الرغبة في العيش والعمل في بريطانيا.
ويضيف "أرى الكثير من المخاطر على مستوى الاقتصاد الكلي (نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، لكنني أنظر بإيجابية تجاه غوستو والطهي المنزلي خاصة في أوقات عدم اليقين".

Tuesday, October 1, 2019

"ملكة العملة الرقمية" التي استولت على قرابة 5 مليارات دولار واختفت

إذا كان هناك مجال ما بحاجة لإعادة الترويج، ستأتي العملة الرقمية في المقدمة.
وتتواتر أخبار النصب والتحايل باستمرار، ما بين قرصنة عمليات تبادل العملة، ووصولا إلى اختفاء أحد مصدري العملة بعد سرقة أموال العملاء.
وأصدرت هيئة الأمن والتبادل الأمريكية قرارا يوم الأثنين الماضي بإدانة امرأة، أسست متجرا إلكترونيا لبيع منتجات خاصة بالبالغين، بالاحتيال عن طريق إصدار عملات رقمية.
وتتعلق هذه القضية بعشرات الآلاف من الدولارات، وهو مبلغ زهيد مقارنة بواقعة النصب الأكبر، التي عُرفت بوحش الاحتيال عن طريق العملة الرقمية.
وثقت بي بي سي القصة في الوثائقي "الملكة الرقمية المفقودة"، للمرأة التي كانت وراء عملة "وان كوين"، التي أقنعت المستثمرين حول العالم بدفع مبالغ وصل إجماليها إلى 4.9 مليار دولار.
وساهم المستثمرون في ما رُوّج له بأنه رؤية جديدة للأموال، تقدمها الدكتورة روجا إغناتوفا، في سلسلة من الفعاليات حول العالم. كانت إحداها في ملعب ويمبلي في لندن عام 2016.
والدكتورة روجا، كما عرفها جمهورها، كانت تخاطب الحشود وتخبرهم بالتقدم الذي تحققه "وان كوين"، وأنها في طريقها للتفوق والاستحواذ على بيتكوين، والقضاء على "كل العملات الزائفة التي تُقلد فكرتنا".
واقتنع الكثيرون بالفكرة، من بينهم نجوم أحد البرامج الإذاعية عن طريق الإنترنت، وهي اسكتلندية من غلاسغو، إذ استثمرت عشرة آلاف يورو في الشركة التي تعرض العملة، ومقرها بلغاريا. كما أقنعت أفراد عائلتها باستثمار مبالغ وصلت إلى 250 ألف يورو.
لكن في عام 2017، اختفت الدكتورة روجا، ولم يشاهدها أحد منذ ذلك الحين.
وكشف التحقيق الذي أجراه معدو البرنامج مدى نجاح "وان كوين" في نشر رسالتها حول العالم. وتوضح وثائق خاصة بالشركة أن أفراد من 175 دولة استثمروا أموالهم في الشركة. كما أن أغلب الاستثمارات جُمعت خلال ستة أشهر من عام 2016، أثناء جولة قامت بها الدكتورة روجا.
وبلغت استثمارات المقيمين في المملكة المتحدة في هذه الفترة 26 مليون جنيه استرليني. ويذكر فريق البرنامج أن إجمالي الاستثمارات البريطانية في هذه العملة بلغ 96 مليون جنيه استرليني.
كذلك تظهر الوثائق أن الصين وحدها ساهمت بحوالي 427 مليون يورو عام 2016، وتبين أن عدداً كبيراً من الاستثمارات جاء من كوريا الجنوبية، وهونغ كونغ، وألمانيا.
ولم تغِب البلدان الفقيرة عن المشهد، إذ شارك مستثمرون من فيتنام وبنغلاديش وأوغندا بمبالغ غير قليلة.
  • اقرأ أيضا: أزمة كوادريغا: قصة شركة للعملات الرقمية خسرت 135 مليون دولار
وصدر حكم غيابي العام الماضي على الدكتورة روجا في الولايات المتحدة، بتهمة غسيل الأموال. وقالت وزارة العدل إن "وان كوين" ما هي إلا أحد الأشكال التقليدية للتحايل.
وبالفعل، تبدو الكثير من فضائح العملة الرقمية متكررة بالنسبة لأي شخص عمل في الصحافة المالية لفترة، فهي نفس الحيل تُستخدم بأسلوب تكنولوجي متقدم.
وفي عام 2016، كانت عملة بيتكوين أحد أشكال الثورة على النظام المالي القديم، وأصبحت "بلوك تشاين" على وشك أن تكون أكثر أهمية من الإنترنت، وخدمة "طرح العملة الأساسية" كادت أن تلقن "وول ستريت" درسا في أن فكرة الاكتتاب تنتمي "للقرن الماضي".
واليوم، بعد التراجع الرهيب في قيمة العملات الرقمية، وتجلي فشل كل منها في تحقيق الوعود التي قدمتها للعملاء (حتى ولو لم تكن بسبب الاحتيال)، أصبحت كلمة "رقمية" خطرا على أي مشروع جديد.
وجالت بخاطري هذه الفكرة أثناء حضور جلسة تعريفية في فيسبوك حول عملته الرقمية الجديدة "ليبرا". وكانت الجلسة بشأن شراكة جماعية لـ 28 جهة، من بينها فيزا، وباي بال، وأوبر، وسبوتيفاي، التي ستنضم لفيسبوك في إطلاق العملة الجديدة.
وقوبلت الفكرة بالكثير من المعارضة بالفعل، فيقول رئيس الرابطة، بيرتراند بيريز، إن الكثير من هذه المعارضة يرجع إلى كلمة "الرقمية".
وكان يمكن لهذه الشراكة الكبيرة ابتكار طريقة جديدة للسداد، بحيث لا تكون عملة رقمية ولا تعتمد على فكرة السلسلة المغلقة.
لكن هناك إصرار على فكرة السلسلة المغلقة كأساس لمشروع "ليبرا"، كونها أقل عرضة للتحايل، وسريعة، وذات كفاءة "فهذه التكنولوجيا ستكون مستقبل إرسال واستقبال النقود".
والمفارقة هي أن هذه كانت بالضبط الرسالة التي روجت لها الدكتورة روجا امام الحضور في ملعب ويمبلي، بأن "وان كوين" ستكون "بلا حدود، وآمنة، وسهلة الاستخدام".
بالتأكيد تقدم "ليبرا" نوعا مختلفا من الخدمة، إذ تدعمها مؤسسات ذات ثقل وسمعة طيبة، وتعهدت بعدم إطلاق العملة إلا بعد إرضاء المشرعين.
لكن الصراع الحقيقي سيكون في إقناع الحكومات بأن هذه العملة لن تكون مجالاً لأنشطة غسيل الأموال، أو تشكل خطرا على الاستقرار الاقتصادي.
وبالعودة إلى "وان كوين"، ترفض الشركة المصدرة لها كل الاتهامات بالاحتيال، وتقول إنها "تستوفي كل شروط العملة الرقمية".
كما تقول إن البرنامج الإذاعي "لن يقدم معلومات حقيقية، ولا يمكن اعتباره موضوعياً وغير متحيز".
كما تقول الشركة إن هناك من يتصدى للاتهامات التي تروج عالميا بشأنها، "فشركاؤنا وعملاؤنا ومحامونا نجحوا في مجابهة هذا الحراك العالمي (ضد الشركة)، ونحن على يقين من أن رؤيتنا لنظام جديد قائم على "ثورة مالية" ستكون لها الغلبة".